لقاء موقع لقمان عفرين مع الفنان الشعبي محمد علي تجو

" إن لـم تـذق طعـم الـمرارة فـإن الـحلاوة لـن تـشـعـر بــلـذتـها ، إن وصـلتَ إلى مــرحـلة مـتـقـدمـة من الـكـمـال الإنـسـاني فـعـلـيـك أن تــلـتـفـت وراءك لـمـرة .... أن تـأخــذ بــيد مَـنْ تأخــر عـن الــركب ، مَنِ بــلـغَ مــنـا مرحلة من الـعـلـوِّ تــوجـَّبَ عــلـيه خـــدمة الآخــرين بــغـض الــنـظر عـن ديـنـهم ومـذهـبـهـم ولــون بــشـرتـهـم ، عــلـيـنـا بـالــتـكـاتـف والـــتعـاضـد كي نــحيا بأمـن وسلام ، مــفـروضٌ عــلـيـنـا تـسـخـيـر كــل جـهد إحـــياءً لإنـسـانـية تــظــلنا بــرايـتـها ، إن بـــلغَ أحـــدنا مـــرتـبة مــن الــرقي والــتـمـدن فإن الــواجـب يـــدعـوه لأن يـجـتـثَّ بــُـؤَرَ الــجهل في أنــفـس حــامـلـيه ،  كــم أتــمنى أن يـــزيد الله في عـــمري ســـنـتـيـن أخـــريـيـن أستطيعُ من خلالها إدخالَ مـــزيد مـــن  الــــفـرح إلى قــــلـوب الآخــــريـن "

بــتـلـكَ الــكـلـمات ـ الــتي تـــنمُّ عـــنْ درايـــة وســعـة خـــبـرة بالــحـيـاة ـ  أتــحـفـنا " باڨي علي " ونـحن نـسـتـهـل الـلـــقـاء بــه .  

* باڨي علي ، حينما كنت في العاشرة ويزيد كنا نزور جدتنا في القرية وكنا نسمع صوتك من خلال آلة " بيك آب " على أسطوانات ، كنت حديث الناس ، أذكر ذلك وقد مضى عليه  أربعة عقود من الزمن ، الكل أحبك والكل كان يردد أقوالك ويستمع بإصغاء إلى موسيقاك المنبعثة من آلة البزق ، وقتها كانت الإذاعة السورية في بداياتها ووسائل الترويج كانت بدائية إلى حد ما .

ـ نعم كانوا يحبونني ولم يزالوا ولكنهم لم يعطوني حق قدري ، لم أنضو في حياتي تحت راية أحد،عملت لكل الناس ، ولو حدث وأن أظلني أحد لأصبحت ثريا تمخر بواخري عباب البحر ، إننا مدينون للجهلاء كوننا لم نحاول أن نعبر بهم سلالم الحضارة والمدنية

* قد عودتنا على الصراحة " باڨي علي " ، حدثنا عن طفولتك ، كيف دخلت إلى مسيرة الفن ، من علمك العزف على " الطنبور / البزق " ، هل لاقيت التشجيع من أحد ؟ . 

 ـ  صديقي العزيز ، الفنان الحقيقي ليس من يتتلمذ على أيدي الآخرين ، لم أتعلم العزف من أي من الناس ولم أستخدم مقامات أحد من أهل الفن ، لا أتذكر الآن إلا مقاماتي ، كنت أسمع الأصوات وأتأثر بها ، قلبي كان  مصدر إلهامي ، الطبيعة ... حفيف الأشجار ... خرير الجداول ... فحيح الأفاعي ... هديل الحمام ... صهيل الخيل ... نهيق الحمير ...نباح الكلاب ... صياح الديكة ، كل تلك الأصوات قد أكسبتني نعمة الفن ، لم يعلمني أحد يا صديقي مهنة الفن ولم يشد أزري أحد من أهلي أو معارفي ، هل تعرف " اللوريك " ها ؟؟ .... إنه الصوت أو النغم أو الأغنية التي تصدر عن امرأة تحمل ابنها على النوم ، إنها تجهد كثيراً في إنذار جميع من في البيت بعدم إصدار الضجيج ومن ثم تبدأ الاسترسال في اللوريك  غير ناسية في أن يكون لصوتها عظيم حنان ، وكل ذلك  ، من أجل ينعم وليدها بالنوم ، صوتها ذاك هو موسيقى بحد ذاتها ، لا يقتصر اللوريك على تلك الحالة بل هناك لوريك للحرب وآخر للسلم ، للحب والعشق .......

* حينما مارست الفن هل كان هدفك المادة ؟

ـ كلا لم أفكر بالمال أبداً وأنا أغني للناس ، ولكن لابد لي من التذكير بأن الفقر .... فقر الفنان يؤثر بشكل كبير على مسيرته الفنية .

* هل من مصاعب في حياتك بشكل عام في مسيرة الفن

ـ نعم كانت لي المصاعب ، كان المجال يضيق بي حينما أردت ممارسة مهنة غير مهنة الفن ، كنت أنتقل من مرحلة لأخرى بلا أمل لكن لم يكن أمامي من خيار إلا الصبر على ما ألاقيه دون أن أفكر أبداً في تغيير مهنتي  ، لا أخفيك سراً بأن أهلي أنفسهم كانوا يملون من سماع صوت غنائي وألحان قيثارتي ، كانوا يعيرونني ، حينها لم يعرفوا من هو المغني .... وحينما كنت أنعت نفسي بالمغني كانوا يستهزؤون قائلين : إنك لن تصبح أبداً فناناً فلا تحلم كثيراً .

* لقد ذكرت بأن للفقر آثاراً على مسيرة الفنان ، هل هي آثار سلبية أم إيجابية ؟

إن العوز والفاقة وضنك العيش تدفع الفنان لأن يكون أكثر سهراً تفانياً وإبداعاً وعطاء .  

* كنت طفلاً هل استمعت إلى أغاني أحد ؟

بدأت باللوري منذ الصغر ، كنت أقول الشعر وأغنيه ، حينما دخلت صومعة الفن أحببت إحداهن ،  أحببتها بالنظر.... بالإشارة .... بالنظرات .... لم يدر من حولنا بمدى هيامنا وعشقنا لبعضنا البعض ، كنت حينما أقترب من قريتها أسمع صوت الكلاب فينتابني إحساس بالنشوة فصوت كلاب قريتها كنت أحسه مميزاً ، أنت تعرف بأنه في المجتمع القروي ، هو مألوف أن تسمع أصواتاً تصدر عن الكلاب والحمير ومختلف الحيوانات الأليفة ، ثق تماماً بأني أحببت كل شيء يمت إلى محبوبتي .

* وهل فهمتْ تلك الفتاة إشارة الحب التي صدرت عن أحاسيسك ومشاعرك ؟

 لقد عـرَفـَتْ بمدى حبي لها ـ القلبُ أخبرها بذلك ، اســتـدلـيـتُ على ذلك عبر مشيتها التي كانت تـتـغير حينما ألتقي بها صدفة ، وتنأى بنا الأيام  فَـيُـرْسَمُ لكل منا طريقٌ مغايرُ في هذه الحياة .

*هل أعطى ذاك الحب نتيجة ؟

ـ كلا ، لو أعطى نتيجة لكنت إنساناً آخراً .   

* كم اسـتمر هذا الحب
هو مستمر منذ ما يقارب السبعين سنة ، لم أوفق في طلب يدها ، تمضي الأيام وتتبدل الظروف فأتزوج  من 9 نساء .

* ما شاء الله !!!!

ـ لا داعي لهذا الدعاء  ، فإن كل زيجاتي كانت فاشلة ، كنت أخسر دائماً وأنا اليوم أحصد ثمار خسائري ، أؤكد لك بأن الحب الأول لدى الإنسان لو كتب له النجاح ، فكأن ذاك الإنسان قد نال الجائزة الكبرى وإن أي زواج من بعد فشل الحب الأول لا بد وأن تصيبه الانتكاسة تلو الانتكاسة .

* سبعون سنة مرت على ذاك الحب ، ألا تعيش ذاك الحلم في يومنا هذا  ، أحببتها فأحبتك ، أليست الآن على مرمى ناظريك ؟

ـ هي دائماً معي في حلي وترحالي .

* من خلال أغانيك نتلمس فلسفة وحكماً وأقوالا ، إلى أي مرحلة من التعليم وصلت ؟

ـ لا أعرف كتابة اسمي .

* ثقافتك إذا اكتسبتها من الحياة ؟

ـ نعم

* مواضيع أغنياتك أغلبها تـدور حول حالات العشق فهل تعتبر نفسك عاشقاً من الدرجة الأولى ، وحينما يتقدم الإنسان بالعمر هل تنطفئ شعلة الحب أم لا ؟

ـ نعم أنا عاشق وسأظل أعشق أينما عشت على هذه البسيطة , العشق لا  تخمد جذوة جمارهِ ،  التبدل فقط يصيب الحالة الزمنية لمرحلة العشق ، هل تدري يا صديقي بأن قلبي دائم التوق إلى لقاء من أحببت ؟

* يقولون بأن الحب الجارف وبمشيئة القدر، لن يكتب له بلوغ المنى ، هل من حب آخر لقي النجاح عبر مسيرة حياتك ؟

ـ كلا ، هي المشيئة الإلهية بأن يتلقى قلبي وأحاسيسي ومشاعري الطعنات والكدمات .

* لكل إنسان إلهام يدفعه للإبداع ، الشاعر إلهامه يدفعه لتسطير قصيدة وكذلك النحات يحول جماد الصخور إلى تماثيل رائعة  فهل من إلهام دفعك للإبداع ؟؟

ـ الحب الأول هو الذي سطر مسيرة حياتي ..... كان له أكبر دور في إبداع ما تلقاه الجمهور مني .

* زينب ... زينو ... زينكي ... أغنية أحبها الناس وتغنو بها ، ماذا يعني لك هذا الاسم ، هل من امرأة اسمها زينب أحببتها فيما مضى ... هل هي صديقة أم عشيقة أم ؟؟؟؟.

ـ زينب تلك التي ذاع صيتها في مختلف الأصقاع اسم فني .... هي غير موجودة في الواقع ولكن رغبة مني في إخفاء صورة من أحببت عن الملأ  فقد أسميت الأغنية بزينب ... إنني الوحيد الذي يعرف من أخاطبه من خلال الأغنية ،  عشقي لذاك الملاك منعني من البوح باسمه  ، زينب هو الاسم الذي ابتكرته مخيلتي  لمن أحببت ... زينب التي أقصدها ، هي حياتي التي أعيشها منذ أول الشباب - وستظل محبوبتي تلك - تمدني بإكسير الحياة  إلى أن يأخذ الله أمانته . أحببت كثيراً من النساء ولكني أبداً لم أذكر أسماء من أحببت أمام الآخرين  ، الحمد لله فأنا ألتزم الأدب ، لقد علمتُ بقصة فتاة اسمها زينب ... عرفت ما تعانيه من مشاق في الحياة ... تألمتُ لذلك فأسميت الأغنية باسمها وهذا لا يعني بأني أحببت امرأة سميت بزينب .

* أنتَ فنانٌ وبامتياز ... أحبكَ الناسُ بصدق ٍ  ... أدمَنَ البعضُ على سماع ِ أغانيك َ ... اليومْ : هل ترى اختلافاً بينَ المرأة العفرينية  قبلَ ثلاثة أو أربعة عقود وما هيَ عليهِ الآن ؟

ـ أنا أنظر إلى المرأة ... أنظر إلى روحها فقط  فهذا ما يهمني فيها ، أما ما طرأ من تبدل على حياتها ... من تحرر وصلت إليه عبر التبدل بكل أنماط  الحياة  فهذا ما لا أكترث له ، أنا  موله بالمرأة ذاتها مثقفة كانت أم أمية ، أنا مريض ومرضي هو حبي للمرأة كياناً وروحاً ، المرض الذي ابتليتُ به ما من طبيب يقدر على إيجاد العلاج له ، المرأة هي أعظم طبيب في حياتي ، تعرف موطن دائي .... هي الداء وهي الدواء ، وحدها من يحب الإنسان .....  بيدها الخيار في شفائه أو إضرام النار في قلبه .

*  هذا يعني أنك متعلق بالمرأة روحاً لا شكلاً ؟

ـ  الشكل والروح توأمان لا ينفصلان ... شكل المرأة يكمل جمالية روحها ، وجمالية روحها  تمنح المرأة روعة المظهر ، المرأة ينبوع حب منه ينهل العشاق ، ولأنها كذلك فإنه يتوجب عليها معرفة فـنون الحب ، المعرفة وحدها لا تكفي ، بل على الإبداع أن يظهر في ممارستها لفنون الحب . المحبة شيء سام راق ، على الإنسان معرفة أبواب المحبة وطرقها بكل أدب واحترام .

* هل ترك الحب الأول من أثر في نفسك .. في البيت .. في الحقل .. في كل مشاويرك حينها ، هل شدوت بكلمات أوحت بها مخيلتك ؟

ـ أعرف بأني حينها قد أزلت كل الحدود ، كنت في الثامنة عشرة من عمري وقد مضى على ذلك عقود عدة وذاكرتي اليوم تخونني ولكني أؤكد لك بأن أول حب في حياتي هو حاضر في كل طقوس حياتي وفيما مضى فإنه قد رفرف بأجنحته على كل أغنية أسمعتها للآخرين ، هل تدري يا صديقي بأني أحياناً أحس بشديد الأسى والمعاناة  كوني لا أستطيع البوح باسم حبي الأول ، إني أحسد حقاً ( مــمْ ) الذي تغنى بـ ( زيـنْ ) أحسده من جهة ، وأشكر ربي من جهة أخرى على أنه منحني القدرة على الكتمان ، مجتمعنا يا عزيزي ينبذ المحبة ويستبدلها بالكراهية ، مجتمعنا يقمع في الإنسان كل الأحاسيس الإنسانية النبيلة ، ما أعانيه اليوم من كتمان لمن أحب ، هي حالة يعيشها الكثيرون . هل تدري يا صديقي بأني كنتُ أرى حالة عشق وتوله يقابلني بها الناس بعد أن استمعوا لأغنياتي ، هل تعرف مصدر ذاك العشق وذاك الوله ؟ ...ها ؟ ... لقد كشفت في كلماتي أغنياتي عن جراح تدمي قلوب الكثيرين من النساء أسوة بالرجال ، النساء كما تعرف أنت ولأن ألسنتهن ـ قد ألجمها العرف الاجتماعي ـ  يستمعن لما أبوح به وفي سرائر أنفسهن يشكرنني على أني قد أزلت طبقات من الغبار علت قلوبهن منذ بدء الخليقة ، كل هذا كان سبباً في تعلق النساء بي .

* كما فهمت فإن حبك الأول قد  أظهرتهُ أيضاً في أغنيتك المسماة " زينب " ؟

ـ بالطبع ( ضاحكاً ) . 

* هل التقيت بإنسانة تحمل المواصفات التي وجدتها في حبك الأول ؟

ـ قطعاً لم ألتق ، فإن كانت تلك المرأة موجودة حقاً ، لطرقتُ بابها وتوسلت إلى أهلها بعد تقبيل أياديهم ، لضحيت بالغالي والرخيص في سبيل الوصول إلى حياضها والتنعم بلقائها والاستلقاء على عتبات دارها بل والعمل كخادم مطيع لها .

* كثرة من محبيك يودون توجيه الحديث إليهم هل من كلمة تقولها لهم ؟

ـ صديقي : ليس للحب قدمين ولا عينين وليس له من أملاك منقولة غير منقولة ، من يمتلك نعمة الحب ـ ذاته فقط ـ يشعر بقيمة المحبة وأثرها في كيان المرء ، مرت علي سنوات عجاف ... مررت بانتكاسات عديدة ، البعض فرح لما عانيته حينها من ظلم .. البعض الآخر حزن لما كنت أعانيه .... البعض يفرح اليوم لما أنا فيه من كهولة  ، على الـكـلِّ أن يذكرَ بأني كنت يوماً ما علماً في سماء الفن في عفرين ، لكنها مشيئة القدر تحكمني كما هي ستحكم غيري بقواعدها وقوانينها ، هي الحياة تلون معيشة الإنسان بضروب شتى من الحزن والهم والغم والنكد والغبطة والفرح والبهجة والحبور ، من أحبني من الناس أبلغهم بسعادتي الكبيرة في أني كنت على حسن ظنهم بي ، وهنا أود أن أبين بأن كثيراً من الناس كانوا يرددون : فليأتنا موت أبا علي ، هذه المقولة كانت تدل على مدى تأثر الإنسان بالآخر ، حينما يصلني بأن البعض قد نطق بتلك الجملة ، أشعر بأني قد بلغت رسالة الفن إليهم . أحببت يا صديقي كل الناس ، ولم أزل إلى الآن أحبهم ، أحب من يفرح للقائي ومن يتحدث عني في الأمسيات ، أحببت كل أهل عفرين ونواحيها وقراها ، وعندي إثبات لذلك ، فأنا أحمل في طيات قلبي صورة حبيبة تغنيت بها ولم أزل ، وكما أسلفت لك فإن المحب يتوله ويشعر بالألفة لكل ما يمت إلى الحبيبة بصلة من جماد أو كائن حي ، هل تدري يا صديقي بأني أعلم سبب محبة الكثيرين لي ، هل تعرف أنت لماذا ؟ ...  السبب يكمن في أني كنت جريئاً في طرح مواضيع لم يتجرأ آخرون على طرحها ... موضوع الحب في مجتمعاتنا مقيد بقوانين العيب والحرام وأنا لم أكترث للومة لائم بل مضيت أسلك درب المحبة بكل ثقة وفخر واعتزاز كوني كنت أعرف مسبقاً بأني لا أخرق بنداً من قوانين الإنسانية وأما العرف الجاهلي السائد في مجتمعاتنا فقد صممت الوقوف في وجهه ومنازلته على الدوام وإن لم أنتصر عليه فلا بد وأن آخرين من بعدي سيحملون الراية وسيحققون نصراً مؤزراً على كل نصوص عرفية تتحكم برقاب  الناس .

 

* ننتقل من فضاء الحب والمرأة إلى موضوع الفن ... فأنت تسمع وربما تستمع أو ترى بأن كثرة من الأصوات تشدو بما هب ودب من أغنيات قديمة وحديثة ، هل ترى بأن مسيرة الفن في عفرين هي في تقدم أم طرأ عليها نوع من الضمور ... هل تفضل أحداً من فناني عفرين ؟.

ـ أعتبر نفسي نقطة في بحر الفن ولم أكن يوماً متعالياً على أحد من الفنانين في بلدي ، ولكن وبما أن العادة في مجتمعاتنا ، أن يستمع الإنسان وأن يعمل بآراء من هو أكبر سناً منه ، فإني أرى بأنه من بين من يعتلي خشبة المسرح لا بد وأن يكون هناك فنانون أفضل من الآخرين وهذا يتعلق بأذواق الجمهور فالذي يكثر الطلب على دعوته إلى حفلات الزفاف لا بد وأنه أكثر تأثراً أو أن جمهوره أكثر  

* أعود إلى سؤالي هل تفضل أحداً من أولئك ؟

ـ أشد على أيدي الفنانين أجمعهم دون استثناء أملاً في فن راق نصل إليه يوماً ما ، مَنْ  أفضله منهم لا بد وأن أجد فيه عيباً ، فإن أعجبني صوته لم تعجبني الكلمات التي يشدوا بها ، وإن أعجبتني الكلمات فإني أرى بأنه لا يمنح تلك الكلمات حقها في البوح ، يجب أن يعيش الفنان مع الكلمة أن يتأثر بها قبل إسماعها للجمهور ، أن تعيش تلك الكلمات في كيانه ، لا أن تكون مجرد إلقاء ، فالأغنية ليست كلمة أو خطاباً يلقيه الفنان على الملأ ... تأثر المتلقي بالكلمات الصادرة عن المغني هي وحدها شهادة يتلقاها المغني من جمهوره ، لكل إنسان رأيه وهذا ما أراه أنا وربما أكون مخطئاً ، وهذا لا يعني بأني في قمة الفن ، فلي هفواتي وأخطائي ، ولي أيضاً أناس لم تعجبهم مسيرتي الفنية .

* هل من كلمة توجهها لأبناء عفرين من الشباب وأنت ترى التطور قد شمل المنطقة بأسرها ، المدارس قد فتحت في كل قرية ... وكذلك الكهرباء والمياه ... وسائل الاتصال انتشرت ، هل من توصية تبلغها لأولئك الفتية ؟

ـ رجائي من جيل الشباب أن يتركوا كلمة : غو ، ( تنويه : يقصد الفنان بكلمة : غو ، أي أن يتركوا القيل والقال ) هذه الكلمة دمرت بيوتنا على رؤوس قاطنيها ، أوصيكم بأن تسيروا في درب الإنسانية .... نحن ألقى بنا القدر في أتون الشيخوخة ، وأما أنتم فأملنا الكبير الذي بهديه نتلمس طريقنا فيما تبقى لنا من عمر ، ارشفوا ما شئتم من كؤوس المحبة ... انهلوا من ينابيع إنسانية تبدلُ من أنماط سلوكياتكم فيجعلها في أفضل حال ، تحلوا بالصبر وتمسكوا بالأدب كي ترقى أنفسكم إلى مصاف الكمال ، لا تعطوا الأمور أحجاماً غير أحجامها ، انبذوا التعصب ، حضاريتكم تظهر من خلال أدب يزين هاماتكم ، العلم وحده سبيل ينتشلكم من أوحال المذلة والجهل فلا تحيدوا قيد أنملة عن طريق العلم والمعرفة ، عليكم أن تأكلوا لتعيشوا لا أن تعيشوا لتأكلوا ، لا شيء يأتي بالمجان، السهر المتواصل والدأب على بلوغ الأهداف وحدهما يحققان ما تصبوا النفس إليه ، أتمنى لكم دوام الصحة والألق والنجاح .

* سعيدون نحن جداً بلقائنا معك " بافي علي " وأمنياتنا أن تكون على الدوام نجمة تزين سماء عفرين .

ـ سعيد أنا بدوري ... لا يهمني أنا ما مضى من عمر وليس طمعاً في الدنيا أرغبهُ ، لكني أتمنى العيش لستة أشهر أخرى كي أستطيع تقديم خدماتي لكم ، مسرور أنا في سؤالكم عني ... في تذكركم إيايَ ...

( مِـنَ الـكـاتـب : قطراتٌ منْ دموع الفرح ترقرقت على الوجنتين ... اختتم بها  " بافي علي " كلماته تلك ) .

         

فريق العمل : لقمان بريمكو ـ محمود جان ـ  المصور الضوئي ديلير  ـ  محمود مصطفى .

شكر خاص للفنان النحات : محمد خير جعفر على ترتيب اللقاء مع الفنان " علي تجو " .

أجرى المقابلة : صلاح الدين عيسى

إعداد وتنفيذ : لقمان شمو كالو

2010/10/17 



E-MAIL:info@lokmanafrin.com  MOB:+963 93 2999010  FAX:+963 21 7873145

Copyright © lokmanafrin 2010 . All rights reserved.

BACK TO HOME PAGE