www.lokmanafrin.com

أفراح العرس في منطقة عفرين

أفراح العرس

للعرس في المنطقة تقاليد خاصة، والعرس النموذجي كان يجرى على الشكل الآتي:

قبل موعد العرس بعدة أيام يرسل أهل العريس هدايا مؤلفة عادة من القماش إلى أقربائهم وأصدقائهم، يدعونهم إلى حضور العرس في اليوم المحدد. ويتم توزيع المدعوين القادمين من خارج القرية على عائلاتها. وفي صباح اليوم السابق لزفة العروس، يرسل أهل العريس خروفا إلى دار العروس لإعداد الطعام للضيوف، ويقصد وفد من النساء من طرف أهل العريس دار العروس برفقة رجل واحد فقط يدعى شوبيلترك، فيتناولون الطعام، وفي المساء تبدأ حفلة الحناء في دار العروس، بمشاركة النساء من الطرفين بالرقص والغناء الخاص بهذه المناسبة، وتسمى هافلوك، وتقوم إحدى النساء المعروفات بالمرح، بعجن الحناء، على صوت تلك الأغنية الجميلة، ثم يتم وضع الحناء على يدي العروس، وأحيانا على أصابع قدميها. كما تقوم النساء بإهداء مبالغ من النقود باسم شابوش.

وفي صباح اليوم التالي تدعى امرأة خاصة، تجيد تزيين العروس، وخاصة قبعتها، وتقبض أجرتها كيلين -حوالي 25 كغ- من الحنطة.

ويتألف لباس العروس من:

 قبعة مراش ‏: وهي عبارة عن طربوش أصغر قليلا من الطربوش الأحمر المعروف، مصنوع من اللباد، فيها ثلاث قطع من القصب تعلق عليها قطع الذهب والفضة والعملة المتداولة بقصد الزينة، وتلف بالمناديل الملونة، بحيث لم يكن يظهر أي شيء من الطربوش، كما يوضع عليه ريش النعام . ورأينا قبعة مشغولة بخيوط من الفضة الخالصة مبطنة بالقماش، وهو يعود إلى بداية القرن العشرين. وقد ذكر الغزي أن الطرابيش المطرزة بالقصب التي تصنع في حلب، كان يستعملها عرائس الأكراد.

 غطاء الوجه : قماش قطني أحمر اللون سميك، يغطى به رأس العروس، بحيث لم يكن ممكنا مشاهدة وجهها، ويسمى أيضا كوليك. وتم استبداله حاليا بغطاء أبيض شفاف.

الفستان: من المخمل .

زنار قماشي: من الحرير يلف بها خصر العروس.

ميلتان: قميص قماشي بدون أكمام، أو ذو أكمام قصيرة يصل إلى أسفل الظهر.

هونكلك: قطعة قماش حمراء مزهرة لها كشكش، مربعة الشكل تقريبا، ربما استمد اسمها من شكلها الرباعي، وكانت تربط برباط قماشي من نفس لونها على الخصر، وتغطي القسم الأمامي من النصف الأسفل من جسم العروس حتى مستوى الكعبين تقريبا.

تاسيوم: من الأحذية المنـزلية والرسمية التقليدية لدى الرجال في الجبل، تصنع من جلد ذو لون أحمر.

بعد الانتهاء من تزيين العروس وتجهيزها، يكون الموكب الأساسي القادم لزف العروس قد وصل، ويكون عادة في صباح يوم الخميس، فتحمل أشياء العروس بما فيها تار و هكيب الذي يستعمل لوضع الأغراض الصغيرة الخاصة بالعروس. وتمتنع العروس عادة عن لبس الحذاء إلى أن يضع أهل العريس شيئا ثمينا "كقطعة ذهبية" في الحذاء، كما تمتنع أيضا عن ركوب الفرس، حتى توضع قطعة ذهبية أخرى في جيبها. وتركب العروس الفرس، ويأخذ شخص من أقرب الناس إليها بلجام الفرس وآخر - وغالبا ما تكونان امرأتين- يمشي وراءها ممسكة بذيل الفرس كي لا يقوم أحد بقطع شيء منه، للاعتقاد بأنه إذا قام أحد بقطع شيء من ذيل الفرس وقرأ الفاتحة بالمقلوب، ثم قام بحرقه، فإن العروس لاتنجب، أو أن زوجها سيتزوج عليها. وقبل خروج العروس من المنـزل كان لابد من إرضاء أخيها الذي يقف وراء الباب مانعا خروجها، مطالبا بما كان يسمى بش قابي، والأخ يطالب عادة بمسدس، أو بمبلغ من المال، والمفروض إرضاؤه.

بعد مغادرة الموكب للقرية، يظهر تقليد آخر يسمى Keri 'أويل، حيث يقطع راع أو بضعة رعاة الطريق على موكب العروس، بوضع أثقل ماشيته "كبش أو تيس" في وسط الطريق فإن استطاعت العروس حمله وإخراجه من الطريق صار ملكها، وإن لم تستطع - وعادة لم تكن تبادر إلى ذلك- فما عليهم إلا إرضاء الراعي بإهدائه منديلا أو كيسا لوضع التبغ أو أي هدية صغيرة أخرى. وبعد خروج الموكب من القرية يتسابق الفرسان بخيولهم في لعبة تسمى Cirit، وتتكرر اللعبة عندما تصل زفة العروس إلى قرية العريس.

لدى الوصول إلى قرية العريس، يركب ولد صغير خلف العروس لكي ترزق بالأولاد الذكور، ثم تحاط العروس بنساء القرية، وتوصل إلى بيت العريس بالأهازيج والغناء، يتقدمهم عادة حامل المرآة الذي يسبق الجميع للإعلان عن الوصول، فيحصل على هدية قيمة من العروس، وكان لهذا الشخص أهميته حتى أصبح يقال فيه المثل التالي: "هل أنت حملت مرآة العروس .

وفي باحة دار العريس كانت العروس تأبى النـزول عادة، إلى أن يعدها والد العريس ببعض الماشية أو ببقرة أو بستان أشجار أو قطعة أرض ونحو ذلك. وبعد أن تنـزل العروس من الفرس، يقوم أحد شباب القرية المعروفين بفروسيته بركوب الفرس وإخراجه من باحة الدار، ويبدأ الشباب برميه بالحصى والحجارة، فإن خرج سالما يأخذ هدية من العروس. وفي تلك الأثناء يكون العريس قد أخذ موقعه على سطح الدار فوق باب المنـزل، وحينما تقترب العروس من باب المنـزل، ينثر فوقها قطعا من السكر أو النقود المعدنية، تعبيرا عن الرفاه والنعمة.

بعد وصول العروس، يتسارع الشباب الى وضع علامة في مكان بارز خارج القرية، وغالبا ما تكون المرآة الصغيرة للعروس، ليبدؤا بإطلاق النار عليها من بنادقهم، فمن يصيبها أولاً يحصل على جائزة من العريس، وعادة ما كان طربوشا أبيضا من الحرير كومي سبي.

ثم يبدأ المدعوون بالوصول إلى القرية تباعا، وكل مدعو حر في دعوة من يشاء من أهل قريته وأصدقائه ومن القرى المجاورة، ويصطحبون معهم الطبالين والمغنين والعازفين والرقاصين وحتى المصارعين بوكا ضمن وفد اجتماعي وفني كامل، كما يأتون بالخراف والسمن وما شابهه، بديلا عن النقود التي يدفعها المدعوون في أيامنا هذه.

ولدى وصول كل وفد إلى مشارف القرية، يبدأون بإطلاق بعض الطلقات إيذانا بالوصول، فيبادلهم أصحاب العرس بإطلاق العيارات النارية، ويخرجون بالطبل والزرنة لاستقبالهم وإيصالهم إلى الدار المحددة لهم، مرحبين بهم بالغناء والرقص.

في دار الضيافة يجري لهم شابش، فيدفع زعيم الوفد الضيف مبلغا من المال إلى الطبالين. وفي كل صباح يتجول الطبالون على جميع الضيوف بيتا بيتا، يصطحبونهم إلى مكان الحفلة التي تقام عادة في ساحة القرية، ويكون قد فرشت هناك البسط والفرش للجلوس بدل الكراسي الحالية. ويقوم صاحب الدار بخدمة ضيوفه ليلا ونهارا إلى نهاية العرس وتقام السهرات الفنية الممتعة في كل بيت حتى الصباح، على أنغام الموسيقى، وتطلق العيارات النارية طوال السهرة.

أما حلقة الدبكة فكانت تعقد بأكبر عدد من الطبول، فكلما كثر عددها دل على الوجاهة والنعمة. ويقوم أحد الراقصين الذين يجيدون الرقص المعروف بـ ساركوفندي  بمسك رأس الحلقة ويقدم فنونه الجميلة على أنغام الزرنة والطبول، ويأخذ المغنون بغناء الأغاني الملحمية القديمة بالتناوب، أو بغناء أغان خفيفة، بشكل حواري جميل يسمى Tekirme.

وهناك ألعاب تسلية مشهورة مثلeSingsingź وتتم بإشعال نار وسط حلقة الرقص، ثم الركض من حولها والقفز فوقها . كما كانت تقدم تمثيلية ليلية تسمى قاشمر، يأخذ فيها أحدهم دور "المهرج" قاشمر ، فيلبس فرو الغنم، ويشمر عن ساعديه وساقيه، ويدهنهما إضافة إلى وجهه بالهباب، وآخر يأخذ دور المرأة أو العروس المزينة، ويتبادلون الأحاديث وسط فرح المتفرجين، وتعليقاتهم المرحة، ومن أعرافها خطف العروس "المتنكرة" ويتم البحث عنها في لعبة مسلية.

وفي آخر ليلة من ليالي العرس التي كانت تمتد أحيانا لسبعة أيام، تجري عملية حناء العريس، على أنغام أغنية مشهورة خاصة  تسمى وارذافا.

وفي آخر يوم لحفلة الزفاف تجري مباريات المصارعة على صوت الطبول وسط حلقة الرقص، من قبل المصارعين المشهورين في المنطقة والمناطق المحيطة بها، واشهر مصارع في النصف الأول من القرن العشرين هو علي قهوة من قرية ترندة.

وفي الساعات الأخيرة للحفل يشترك جميع المدعوين في حلقة الدبكة، ويجري الطبالون Kirif شاباشهم بجمع المال من حلقة الرقص. وفي ظهيرة اليوم الأخير، يكون بيت العريس قد أعد الطعام لكافة المدعوين، ويطلق على هذه الوجبة، الجماعية اسم Keshk. ثم تنتهي مراسم الزفاف في عصر يوم الخميس.

لم تكن الأعراس التقليدية القديمة مهرجانات فنية وفلكلورية فحسب، بل تقوم بجوارها سوق تجارية صغيرة أيضا، حيث يتجمع الباعة الجوالون لبيع بضائعهم، ومن بينها البارود والصواعق Kebsūn لبنادق الحشو القديمة. وأحيانا يوزع العريس البارود مجانا على ضيوفه، ومنه جاء المثل أي "البارود من العريس"، أي: أطلق ما تشاء فلن تخسر شيئا.

وبعد يومين أو ثلاثة من الزواج، تقوم العروس بتوزيع هدايا رمزية على أهل قريتها الجديدة، وخاصة الذين استضافوا المدعوين.

وبمرور عدة أسابيع، يقوم يتبادل أهل العروسين الولائم لمزيد من التعارف والائتلاف بين العائلتين. 

أما مناسبة الزواج في أيامنا هذه، فقد تحولت إلى حفلة سريعة تجرى في مقصف، يدعى إليها بعض المغنين والعازفين المغمورين، يرددون أغان وموسيقى متنوعة، بعضها لايتقبلها الذوق السليم.

أما لباس العروس فقد أصبح على النمط الحديث. واستعمال الطبل والزرنة بات هامشيا. وكذلك عادات الضيافة والحناء والطقوس الممتعة والمسلية الأخرى زالت نهائيا. ولكن بعض الرقصات الفلكلورية القديمة ما زالت باقية، وخاصة في أعراس القرى النائية التي يذكرنا بعض جوانبها بأعراس الماضي. أما أسوأ ما في أعراسنا الحالية، فهو جمع المال باسم الخلع الموجهة الى القاصي والداني.

د.محمد علي

لقمان عفرين/lokman shamo kalo

2008/4/10

  HOME   l   SYRIA   l   AFRIN   l   CONTACT   l   LOKMAN AFRIN

BACK TO HOME PAGE

العودة إلى الصفحة السابقة