* الـعـيـدُ ....  يُــعَـزِّزُ رَغــبة َ الـسـوريـيـن فـي الـحـياة *

   جـرتِ العادة ُ في أن يُـفـَسـِّرَ الكبارُ للصغارِ ظواهراً وأموراً تتلقفها أعينهم وأسماعهم دون إدراك لماهيتها ، ولكن أوَ لـَمْ يدركْ أولئك الكبار بأنهم ـ ذاتهم ـ بحاجة إلى تعليم وتقويم  ؟  قد تتساءلون ممن يتوجب الاقتداء به في كثير من حسن السلوك وقويم الأخلاق؟ ، إنهم الأطفال بنقاء القلب وصفاء الفكر وطيبة النفس أكبر معلم لنا في زمن نشهد فيه اختراقات وانتهاكات في بستان الأخلاق وحديقة الإنسانية ، نعم ، فلا من نقص أو من ضِعـَّة نـكون فيها لو أننا اقتدينا بصبيةٍ ... في أعطافنا يزرعون الأمل والتفاؤل وبالمجان يهبوننا الفرح و على أجبنتنا يرسمون أزاهير الحب ، مجددين في أنفسنا طاقات لا تحصى تقوي من عزيمتنا في تحمل مشاق العيش ، إذاً هم الأطفال حاضرنا وغدنا ومستقبلنا ، معهم نتقاسم البهجة ومن خلالهم يتوضح لنا مستقبلٌ نرسم معالمه بوضوح .
 

 

 

 

العيد قد أوجـِدَ لتبقى الأفئدة نابضة بالحياة . في العيد نكتشف  بهجة وغبطة تلوح في الآفاق ، وربما هي فرصة نستعيد فيها ما أزحناه من أنفسنا ـ طوعاً أو سهواً ـ من بذور الإخلاص والتفاني والحميدة من الصفات التي تدعونا للتحلي بها جميع الشرائع السماوية ويفرضها علينا واقع مؤلم ورياح هوجاء تجهدُ للإطاحة بنا  . هي المحبة ـ لا سواها ـ أعظم مصادٍّ للرياح والأعاصير، فعلى عتباتها تسـتـكـيـنُ كل عاصفة فـتـتـحـول إلى نسائم عليلة تنعش القلوب والأبدان .

  كـلـنـا يـتـوق ُعـيـشاً خـضـيـبـاً بالأمـنٍ والازدهـار ، وكـلٌّ مـنـا يـلزمه ساعة يخلو فيها إلى النفس في عـمـلـيـة جـرد ، فـي نـهـايـتـهـا يـتـحـتـمُ عـلـيـه تـقـديـم بـعـض الـتـنـازلات لأحـبـتـه وخـلانـه ، فـلا مـن إنـجاز نحـقـقـه إن تـشـبَّـهـنـا بالسـنـبـلـةِ فارغة الحب ، نشـمخ بـرؤوسـنا ونـتـبـجـج ونـتـفـاخـر عـلى أقـرانـنـا بِسَـبَـقٍ أنـجـزناهُ في مـيـدان الـكـسـب والـجاه ، فـالـمال لم يسبق لأحـدٍ أن اشترى به سعادة ً مَـرْجوة ً وإلا لكان قـارون وسـواه مـن خـلـقِ الله ، مـنْ أسـعـد الـنـاس عـلى هـذه الـبـسـيـطـة .

لا مِـنْ أحدٍ مُـتـَّصـفٌ بالكمالِ فـكـلـنـا غارقونَ في مسـتـنـقـعـات اقـتناص الـمـلـذات . خـلودنا إلى الـنـفـس ، يُـشـعِـرنـا بـمدى تـقـصـيـرنـا بحق أنـفـسـنـا وأهـلنـا والأقارب ،  فهل يـكون الـعـيـدُ مـنـاسـبـة تـتـسـم بالـديمومة في اسـتعـادة ما قد خــسـرناه مـن عـبـق الـحـب وعـبـيـر الألفة ؟ .

الـثـبـاتُ عـلى الـغـبـاء والـتعصب في  الآراء والـنرجـسـيـة في الـقـول والـعـمـل ، تـُضْرِمُ نـيـران الـتـشـرذمِ والـفـرقــة ، ولـكـن ، أولـيـسَ من الـحـكـمة في أن نسـتـبـدلـها بـتـصـالـح مـع الـنـفـس ومع الآخرين ، بل وبـتـواضع وأثـرة ومـقـابـلـةٍ لـلإسـاءة بـالإحـسـان ، لا مِنْ أحـدٍ الـبـتـة َ يـمـتـلـكُ قـدرة إقـنـاعـنا في عـجـزهِ عـن ضـبـطِ جـموح الأنـفس الأمارة بالسوء .

 هـلمَّ يا إخوتي ، فـلـنجـربْ ما أسلـفـتُ الـذكـرَ ، فـكـلـها مـجـتـمـعـة ٌ تـبـعـدُ عـن حـيـاتـنـا غـمـامـات الـكـآبـة والـحـزن مـمـنْ نـجـدهـا الـيـوم تـؤرقـنـا وتـقـضُّ مـن مضاجـعـنـا فـتجعـلـنا نـسـتـسـلـم لـلألـم بـلا حول ولا قـوة . فـلـيـكـنْ حـبـنـا لـبـعـضـنا الـبعـض ـ في العيد وفي سواه من أيام السنة ـ  أشـد وهـجـاً وحـرارة .

كـل عـام وأنـتـم أشـد حـبـوراً وسـعـداً . مـبـاركــة أيـامـكـم : أهـلـنـا في الـوطن ومـمن شـتـَّتَـتـْهمُ رياحُ الـفُـرقـةِ فـي جـمـيـعِ أرجــاء الـمعـمـورة . 

2011/8/30



إدارة الموقع: لقمان شمو كالو

E-MAIL:info@lokmanafrin.com  MOB:+963 93 2999010  FAX:+963 21 7873145

Copyright © lokmanafrin 2011 . All rights reserved.

BACK TO HOME PAGE