جيل بارف (( ثلجة الأربعين ))  .. تاريخ من ذاكرة عفرين

(( خاص لقمان عفرين ))

تحفل ذاكرة مجتمعنا بالعديد من الأحداث المميّزة التي تركت تأثيراتها الإيجابية أو السلبية على مسيرته وفي مختلف جوانب حياته الاجتماعية والاقتصادية والتي بقيت محطات هامة في الذاكرة الجمعية للناس لدرجة أنّها أصبحت من المصطلحات الشائعة لدى المؤرخين والمواطنين الذين اعتمدوها لتحديد التواريخ المحلية لمناطقهم، ومن تلك الأحداث الهامة ما سُمي باللغة الكردية بـ " جيل بارف " و باللغة العربية " ثلجة الأربعين " في منطقة "عفرين".

 

 

 

 

ولإلقاء المزيد من الضوء على هذا الحدث المهم لدى أبناء المنطقة التقى موقعنا بالأستاذ "يوسف إبراهيم" –إجازة في الفلسفة من جامعة "حلب "  وسألناه بداية عن " جيل بارف " وتاريخها فأجاب:

«يقول الأستاذ "محمود بركات" في كتابه ("عفرين" عبر العصور) الصادر عن دار "عبد المنعم" "حلب"/2008/ والذي يُعتبر من المصادر التاريخية الهامة المتعلقة بمنطقة "عفرين" من جميع النواحي بأنّه في شتاء العام /1909- 1910/ شهدت منطقة "عفرين" وما جاورها شتاء قاسياً جداً تجلى بنزول الثلج بغزارة لمدة أربعين يوماً كاملاً انخفضت خلالها درجات الحرارة في أغلب الأيام إلى ما دون /25/ درجة مئوية ».// موقع لقمان عفرين

وأضاف: «ولأهمية الحدث وعمق تأثيره على حياة المواطنين في مختلف مجالات حياتهم بات مصطلح " جيل بارف  يتردد كثيراً في أحاديثهم حتى اعتمدوه تاريخاً يرتّبون بموجبه أحداثهم المحلية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، فمثلاً كان يُقال بأنّ الشخص الفلاني ولد قبل "ثلجة الأربعين" أو بعدها والشخص الفلاني من مواليد سنة الثلج وهكذا.

كما التقينا بالمعمّر "حسين صاغر" وهو من مواليد (بعد ثلجة الأربعين" بتسع سنين) أي العام /1919/ وسألناه عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي سادت أيام "ثلجة الأربعين" باعتباره ينتمي إلى الجيل الأقرب لتلك الفترة فقال:

«لقد كان والدي يحكي لنا دائماً عن ذلك الشتاء القاسي الذي لم يتكرر، فقد نزلت الثلوج بكثافة في المنطقة لمدة أربعين يوماً بحيث وصلت سماكة الثلج إلى أكثر من مترين ونزلت درجات الحرارة إلى أدنى مستوى لها في قرانا». وتابع "حسين صاغر" حديثه قائلاً: « لقد أدى ذلك إلى شل الحركة التجارية تماماً بسبب انقطاع الطرق بين القرى ومدينة "حلب" وغيرها من المدن وبين جميع القرى في الجبل الأكراد، وكذلك توقفت حركة القطارات التي تمر بالمنطقة وسير القوافل التجارية وحركة البائعين المتجولين الذين كانوا يجوبون القرى للقيام بعمليات البيع والشراء وارتفعت أسعار الحطب الذي كان يُستعمل في إشعال مدافىء الحطب وأعمال الطبخ بشكل جنوني، واعتمد الناس على طحين الشعير في صناعة الخبز بسبب نفاذ احتياطي البيوت من طحين القمح».// موقع لقمان عفرين

وأضاف: «ولكن أسوأ من ذلك فقد أدت "ثلجة الأربعين" إلى موت العديد من المسافرين على الطرق بعد انقطاعها وهلاك الآلاف من رؤوس الغنم والماعز والدجاج المنزلي نتيجة البرد والجوع بسبب انحباسها طويلاً في الحظائر، وكذلك موت الكثير من الحيوانات البرية مثل الثعالب والضباع والأرانب لعدم قدرتها على تحمل البرد الشديد، أما الأشجار فقد يبس الكثير منها تماماً مثل أشجار الرمان والتين والجوز وغيرها».

وختم حديثه لموقعنا بالقول: «كان ذلك الشتاء أقسى ما شهدته منطقة "عفرين" ولذلك بقي عالقاً في الذاكرة الشعبية حتى يومنا هذا وصار نقطة مميّزة اعتمده الناس لتحديد تواريخهم وترتيبها بموجبه، ومثال ذلك أنّه عندما يسألني شخص ما عن تاريخ ولادتي أجيبه بأنني وُلدت بعد "ثلجة الأربعين" بتسع سنين».




إدارة الموقع: لقمان شمو كالو

E-MAIL:info@lokmanafrin.com  MOB:+963 93 2999010  FAX:+963 21 7873145

Copyright © lokmanafrin 2011 . All rights reserved.

BACK TO HOME PAGE