* تحلـيـقٌ فـي فـضـاءات الـــعـبـقـريـةِ والإبـــداعْ *

للفنانين والأدباء وأشباههم ممن أكسبتهم الحياة رهافة في المشاعر ودقة في الملاحظة... لأولئك عوالم جميلة يبتكرونها رغماً من قساوة الزمن ومشاق الحياة ، ومن الطبيعي جداً بالنسبة لتلك النخبة ، أن تـحـمـل الجمال والشفافية زاداً أينما حلت بها الرحال ، إذا فهم صفوة الخلق أكسبهم الله طاقات خارقة تكيفهم مع أي ظرف طارئ .

في إحدى حواري مدينة عفرين وجد * أصلان معمو* حيزاً من المكان يمارس طقوسه في الإبداع ، دفعه ضيق ذات اليد لاستئجار دكان ذو طابقين ، السفلي منه جعله مرسماً وأما العلوي فيستسلم فيه لأحلام الكرى
 

 

 

 

ولد * أصلان معمو* في مدينة حلب 1978م ، حيث مسكن العائلة التي هجرت القرية طلباً للكسب الحلال ، كان ينتهز العطلة الصيفية ليهرع إلى ربوع قريه " بركاشلي "  التابعة لناحية بلبل ، فهناك يشعر بالراحة ويمتع نفسه ـ برفقة صبيان القرية ـ بالأراجيح المنصوبة على جذوع الأشجار والركض والقفز بين التلال والوهاد ، تلك المرحلة العمرية لم تزل إلى يومنا هذا تاركة بصماتها على جدران نفسه . ظهر النبوغ عنده في المرحلة الابتدائية ، كان يرسم ـ وعلى الدوام ـ  أي شيء تتلقفه عيناه الصغيرتان، وبمرور الأيام ومع اشتداد عوده في أول الشباب ، لم يلف إلا والفن قد سلبه جل تفكيره ، ولأنه أدرك بأن التثقيف الفني ضروري لأي شخص يود امتهان الفن ، فقد انكب على قراءة ودراسة تاريخ الفن وحياة الفنانين . واصل أصلان الدراسة حتى المرحلة الإعدادية وأثناءها كان يتلقى الاستحسان والتشجيع من معلم الرسم الذي أولاه كل اهتمام ، وهذا ما حفزه للمضي في طريق الفن والإبداع حيث شارك في معارض مدرسية كثيرة .

تنبه أصلان إلى المآل الذي وصل إليه فكان عليه أن يختار بين أمرين : امتهان الفن في مجتمع لا يتذوق الجمال والفن والعيش بالتالي في براثن الفقر لعدم إنفاق الناس المال على رسومات الفنانين ، أو أنه عليه إهمال الفن وإفناء الروح والانخراط في مهنة بديلة تؤمن متطلبات الحياة ؟ ، وبعد أخذ ورد ، توصل * أصلان *  إلى فكرة امتهان الفن فهو قد خلق ليكون فناناً فقط .   كانت أرباحه قليلة في البدايات ، وكل ما يدخل الجيب كان ينفقه على شراء أدوات الرسم ومستلزماته .

الأقارب جلهم والمعارف أيضاً كانوا يعارضون امتهانه  للرسم ، وحدها أمه كانت ترى فيه عبقرية ونبوغاً ، كانت تعجب بلوحاته ... تشجعه وتشد من أزره ، بل وكانت تغطي عليه في جو العائلة حينما تدب المشاكل . نظرة الأهل تلك قد أصابها تبدل سيما بعد مشاركته بمعرض في بيروت عام 2000م ، فقد أصبح محط إعجاب كل الناس المحيطين به .

عكف * أصلان *   في البدايات على رسم لوحات عالمية يبيعها لزبائنه بأجر زهيد ، وحفاظاً على الأمانة فإنه لم يكن يوقع على تلك الرسومات المنسوخة ، وفي جانب آخر ، فإن ريشته قد أظهرت جمالية روحه ، فكان يرسم لوحات موضوعاتها تمليه عليه أحاسيسه ومشاعره ومخيلته . يؤكد * أصلان * بأن اللوحة هي عبارة عن إشارة تجسدها ، هذه الإشارة قد ترد إلى المخيلة من أيام الطفولة ، للذكر فإن أجواء أصلان ضبابية إلى حد ما ولوحاته ـ التي أبدعتها ريشته ـ أصدق تعبير عن حالات نفسية يعيشها .

يحلق * أصلان * في الفضاء الفسيح .. يستعير من طفولته رائحة شجر سـجـكـي  المنتصبة في بيدر قريته " بركاشلي " ، وكذلك شجرة التوت ، وكعهد كل صبيان القرية آنذاك فقد كان يرعى الخرفان في أماكن تحيط بالقرية فلم يكن يذهب بها بعيداً كي يستطيع تجميعها والعودة بها إلى الحظيرة مساء ، الرعي بالنسبة له ولأقرانه كان لعبة يلعبونها لا حرفة قد امتهنوها .على أحد جذوع شجرة اللوز العائدة لجده كان ينصب أرجوحة تطوح به وبرفقائه في الهواء وسط قهقهاتهم وضحكاتهم البريئة ، كان دائماً يمدد من عطلته في القرية ، يعود أهله إلى حلب ويبقى هو في بيت الجدة التي كانت تحبه كثيراً ، كونه كان مولداً مطيعاً وخدوماً ، وإلا فكيف به وهو في ذاك العمر الغض ، من أن يساعد جدته في طلاء البيت بالطين الأبيض !؟ .

* أصلان معمو* خجول جداً في مسألة الحب ، مشاعره كان ولم يزل يخفيها عن الملأ ، كانت الفتيات ممن أحببنه أكثر جرأة منه ، فالمبادرة كانت منهن على الدوام ، لم تكلل بالنجاح أية علاقة بينه وبين الأنثى ، لكنه اليوم ـ وقد أدرك بأن قطار العمر يسرع ـ فإنه قد أكسب نفسه شجاعة ، جسدها بحثه الدؤوب عن شريكة تقاسمه سويعات الحياة .  

يعمل * أصلان *  في الطابق الأسفل من حانوته ، دورات للرسم يقيمها بأسعار رمزية ترضي مختلف شرائح المجتمع ، لوحات يجسدها فيبيعها . المتمرنون عنده كثر ومن مختلف الأعمار ، ولعل نفسه السمحة ودماثة أخلاقه وطيب معشره من الأسباب التي تجعل المرء يود التعرف عليه عن قرب فالإنسانية يتقمصها ويجسدها بجلاء في سلوكياته وأنماط حياته .

يتمنى* أصلان *  أن يمتلك كل امرئ هواية مفيدة في جميع مناحي الفن والأدب ، فالفن والأدب ـ كما يقول ـ يبعثان الراحة ويحققان التوازن النفسي لأنهما ينفثان السموم من الأفئدة . يطمح أصلان نحو العالمية ، انطلاقاً من عفرين المدينة التي أحبها وأحبته ، خلافاً للكثيرين الذين يصنعون أنفسهم في الخارج ، أصلان معمو يقدس الأرض التي أنجبته ، في فؤاده جنان من المحبة والخير، الوداعة والتواضع من سماته ،  حينما يتم التعرف عليه عن قرب يحس المرء بأنه يعرفه منذ بدء الخليقة ، ما يميزه حقاً عيناه اللتان يشع منهما بريق الأمل والتفاؤل والإصرار على النجاح وإثبات الذات في مجتمع يتوق غوصاً في غياهب الحضارة والرقي .

* المعارض التي شارك فيها  :

ـ معرض جماعي في بيروت ( المركز الثقافي الروسي ) عام 2000م . ـ    

ـ معرض جماعي في بيروت ( قصر الأونيسكو ) عام 2001م .

ـ معرض في صالة الخانجي بعنوان ( فنانون من حلب ) عام 2002م .

ـ مهرجان خان الحرير بحلب عام 2004م.

ـ المعرض السنوي لمتحف طه الطه في الرقة عام 2004م.

ـ معرض في المركز الثقافي بجنديرس عام 2004م.

ـ معرض ربيع حلب عام 2009م .

ـ معرض الربيع السنوي بدمشق / نيسان 2009م.

ـ معرض الربيع السنوي بدمشق / 2010م.

ـ معرض ربيع حلب / 2001م.

* المعارض الفردية :

ـ صالة سرمد بحلب بعنوان ( التلاشي والتلاقي ) أيلول 2005م.

ـ صالة الخانجي بحلب / شباط 2007م.

ـ صالة الأسد مقراتحاد الفنانين التشكيليين بحلب / كانون الأول 2008م / 2009م.

ـ أول معرض في مدينة عفرين بعنوان ( ألوان من عفرين ) ، أقيم في المركز الثقافي ، في شهر حزيران 2011م ـ كان المعرض بإشراف شخصي من * أصلان معمو *  واللوحات المعروضة فيه  كانت كلها من عمل الطلبة الذين يتتلمذون على يديه .

س : هل من كلمة أخيرة ؟

أشكر إدارة موقع لقمان عفرين لجهودها الخلاقة في إيصال المعرفة والمتعة إلى قلوب أهلنا في سورية والمهجر.

من أعماله

       

       

  

محرر في موقع لقمان عفرين

الكاتب الصحفي صلاح الدين عيسى

13/7/2011



إدارة الموقع: لقمان شمو كالو

E-MAIL:info@lokmanafrin.com  MOB:+963 93 2999010  FAX:+963 21 7873145

Copyright © lokmanafrin 2010 . All rights reserved.

BACK TO HOME PAGE